مساهمات إطارات الحزب
الأستاذ: أحمد جودي، يكتب
تعزيز الاستقرار السياسي ضرورة لتحقيق التنمية الاقتصادية
في الوقت الذي كانت الطبقة السياسية و شيوخ الزوايا ورؤساء النقابات والجمعيات تقتات على منح ومزايا التملق للنظام الفاسد مقابل المساندة و التأييد، و تخوين كل من يخالفها الرأي، و اتهامه بالعمالة لجهات اجنبية كان أوفياء الوطن الذين استشعروا الخطر الداهم على الوطن منذ 2003 في صراع مع العصبة الحاكمة بكل الوسائل المتاحة، و في النهاية لم يستطع الحق المبعثر من هزم الباطل المنظم فاستمر الوضع على حاله لمدة.
عشرون (20) سنة، تصحرت خلالها الحياة السياسية، و ما كان يحذّر منه الوطنيون الاحرار سنة 2003 عشناه واقع مرير، حيث استولت على الساحة السياسية طبقة هجينة ترتكز على الولاء والتملق والنفاق السياسي، و ابتكروا طقوسا وصلت حد تمجيد و تأليه للحاكم، وتحولت أغلب الأحزاب السياسية و المنظمات والتنظيمات إلى مجرد لجان مساندة
إن غايتنا هي المساهمة و العمل رفقة الفاعلين في الساحة من أحزاب و جمعيات المجتمع المدني و مختلف التنظيمات على تأطير الساحة السياسية و أخلقتها، من خلال انتقال نوعي في سوسيولوجية المجتمع الجزائري ليتحول من مجرد تكتل بشري إلى مشروع مجتمع مفعم بالحركية و النشاط، ومندمج مع المتطلبات العالمية و مساير لكل التحولات التي تحدث بوتيرة رهيبة لا مجال فيها للصدفة، و هذا لن يتحقق ما لم نضع نصب اعيننا الانسان كقيمة حقيقة لها أولوية الاستثمار، ورفع سقف حرية التعبير ضمن الأطر القانونية، وكنس ثقافة الانهزامية، و العمل الدؤوب لإزالة الخلفيات والعُقد الاجتماعية، التي هزت ثقة الشعب في سلطته و كبّلت طموحاته و ثبّطت عزيمته بإثارة النعرات الجهوية والجدالات الرجعية حول الأصيل والدخيل، فكادت فتنة الطائفية و النعرات الجهوية أن تعصف بوحدة البلاد و أمنها و استقرارها.
إننا في حزب طلائع الحريات نؤمن أن الارتقاء بمستوى الممارسة السياسية يكمن في تبسيط مفهوم المواطنة ضمن إطار الحقوق و الواجبات المكفولة دستوريا واحترام قيمة الإنسان و استعادة كرامته، حتى يسترجع الثقة المفقودة و ينخرط في الممارسة السياسية.
وإن كانت غايتنا أن نضع الممارسة السياسية في سياقها الطبيعي تُدافع فيها الاحزاب عن خياراتها وبرامجها و تقدم بدائل و تقترح حلولا و تسعى للوصول إلى السلطة أو العمل على البقاء فيها عبر التدافع الديقرطى والمنافسة المشروعة، فان توفير مناخ مشجع و جاذب للطاقات الشابة لتنخرط في الممارسة السياسية، و قانون انتخابي عادل، وعمل منظم و مدروس تتولاه النخب الأكاديمية هي أمور أكثر من ضرورية.
فاسترجاع هيبة الممارسة السياسية و أخلقتها و انتشالها من أيدي مافيا المال الفاسد تحتاج الى تظافر كل الأوفياء المخلصين للوطن من خلال سن قوانين تضبط قواعد الممارسة السياسية و تحدد معالم واضحة لشروط الترشح لمختلف المجالس؛ ساعتها، ستكون الممارسة السياسية ترتكز على مبادئ و أسس تؤطر سير مراحل الانتخابات بشفافية من خلال حوارات و مناقشات راقية بوسائل نبيلة، و الفيصل بين المتنافسين هو الشعب و الصندوق، و يصبح الخلاف قيمة للاحتواء والاستيعاب، ومبدأ للشفافية وللعدالة في الحكم. إن ما نسعى إليه ينطلق من واقع الدولة وطبيعة الاختلالات القائمة المراد إصلاحها، ويجب أن ينحى منحى التدرج، مرحلة تلو الأخرى و يشمل أسس وركائز الدولة، فما هو معطل يتم تشغيله وما هو فاسد يتم إصلاحه وما هو صالح يتم الحفاظ عليه ووقايته، فنظرتنا تشمل تحسين النظام السياسي لدرء الفساد والاستبداد، و ترسيخ للحكم الصالح، ومن مظاهره سيادة القانون والشفافية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار والعدل وفعالية الإنجاز وكفاءة الإدارة والمحاسبة والمسائلة والرؤية الاستراتيجية، و تجديد للحياة السياسية، وتصحيح لمساراتها.
بهكذا ممارسات ستذبُل الطفيليات و تختفي مجرد تحريك المياه الراكدة، و ستحدث استفاقة جماعية تنبذ الاستبداد والخنوع ومؤهلة فكريا للمساهمة في إقلاع حضاري بكل مقوماته، ومتطلعة للرقي بالوطن إلى مستوى مسايرة ركب الحضارة من خلال التحكم في التكنولوجيا و الولوج الى عالم الذكاء الاصطناعي و الاستفادة من الانفجار المعرفي الرهيب والتحول الرقمي .
تلكم هي قناعاتنا و تصوراتنا في طلائع الحريات، قد يبدو هذا استثناء في واقع سياسي رديء انتجته ممارسات 20 سنة من التدليس و التزوير و قلب الحقائق، فالحقيقة و الحق يحتاجان الى قوة يرتكزان عليها و ذلك ما نحن بصدد النضال من أجله، فالقوة في المجال السياسي هي قوة الفكرة والاندماج بين أفراد الشعب ليحتضن توجهاتنا و تصوراتنا و لا يهم إن كان ذلك سيأخذ وقتا ما دام تعزيز الاستقرار السياسي ضرورة لتحقيق التنمية الاقتصادية و التحرر من كل أشكال التبعية.
الأستاذ: أحمد جودي

